مدونة ذات طابع إخباري تقدم تغطية شاملة لكل ما يخص الشأن المصري..
(سياسية - اقتصادية - صناعية - زراعية - رياضية - سياحية - ثقافية - فنية - مشروعات قومية)

الأخبار

الاثنين، 16 نوفمبر 2020

بلا قيود - التمويل بين غسيل الأموال وغسيل العقول -

صبحي وحيد يكتب :

التمويل بين غسيل الأموال وغسيل العقول

هناك العديد من التساؤلات التي تدور في أذهاننا جميعا حول عمليات التمويل بأنواعها ولا سيما بعد الضجة التي حدثت وتحدث في العالم الأن حول تمويل الإرهاب وما يشكله من خطر داهم سوف يطال الجميع..

تمثل عملية التمويل دورا هاما في الحياة الإقتصادية، فهي الشريان الحيوي و القلب النابض الذي يمد القطاع الإقتصادي بمختلف وحداته و مؤسساته بالأموال اللازمة للقيام بعملية الإستثمار و تحقيق التنمية و دفع عجلة الإقتصاد نحو الأمام.

فإذا كانت عملية التمويل بمفهومها العام تعني إنفاق المال، وكان الإستثمار بالمفهوم البسيط يعني استخدام المال في عمليات اقتصادية بغية الحصول على نتيجة، فإن كل إستثمار يعتبر تمويلا بالضرورة و لكن التمويل لا يعتبر في كل الحالات إستثمارا..

ولكن هناك نوعان من التمويل: 
التمويل المشروع المعلوم بالضرورة مصادر رأس المال لديه، والتمويل الغير مشروع والغير معلوم مصادر رأس المال، والذي نحن هنا اليوم بصدد الحديث عنه والذي قد تمارسه دول أو جماعات لزعزعة استقرار دول أخري والسيطرة عليها.

ولا يقف دور التمويل فقط عند تمويل الإرهاب والتخريب والتدمير الذي نراه حولنا في كل مكان وإنما يمتد ليطال العقول من خلال تمويل الإعلام والقوة الناعمة التي تسيطر من خلالها علي العقل الجمعي لمجموعات من البشر بل ويصل أيضا لدرجة السيطرة علي مصائر أمم كاملة من خلال التحكم في إقتصادها عن طريق الإقراض المشروط..

ولا يخفي علي أحد أن الجزء الأكبر من عمليات التمويل هذه تأتي من مصادر غير مشروعة تتمثل في عملية "غسيل الأموال" وهو الإسم الذي يطلق على العملية التي يتم من خلالها إعطاء الأموال المكتسبة بطرق غير قانونية مظهر كونها مكتسبة بشكل قانوني.

ونري يوميا تدفق كميات كبيرة من الأموال بطرق غير شرعية، 
صناعة وتجارة المخدرات وبيع الآثار والمواد المهربة والتهرب الضريبي و تهريب البشر وتجارة الأعضاء و السرقات و تهريب وتجارة السلاح و الممارسات الفاسدة.

ولعمليّة غسل الأموال آثار على جميع النواحي الاقتصاديّة، والسياسيّة، والاجتماعيّة، على حدّ سواء، ومن أهمّ الآثار ما يلي: 
استقطاع جزء كبير من الدخل القومي ممّا يؤدي إلى تدهور الاقتصاد الوطني لصالح الاقتصاد الأجنبي، الارتفاع في معدّل السيولة المحليّة بشكلٍ لا يتوافق ولا يتناسب مع كميّات الإنتاج لمختلف السلع والخدمات، عدم دفع الضرائب والمستحقات المالية للدولة بشكلٍ مباشر، وبالتالي نقص كبير في الإيرادات في الخزنة المالية لها، رشوة رجال الشرطة ورجال القانون بمختلف مواقعهم ومناصبهم، ممّا يسبّب انهياراً في قوّة الدولة وفساداً في الحكم، وإعطاء المجال للمجرمين بالتوسّع في البلد، هبوط حاد في قيمة العملة المحليّة وسوء سمعة الأسواق الماليّة وتهبيط روح المنافسة بين التجار وتشويه العمليات التجارية، ممّا يؤدّي للوصول إلى مناخٍ فاسد من الاستثمار.

الجماعات الإرهابية على تمويل نفسها ذاتيا من خلال إنشاء مشاريع استثمارية قانونية سواء فعلية أو افتراضية موازية وتأتي على هيئة مصارف أو مؤسسات استثمارية في التحويلات النقدية، وتكون هياكلها المالية بمعزل عن الدول التي تنشط فيها وتحت مسميات أخرى بعيدة عن الشبهة.

ويتم استغلال هذه المشاريع الضخمة كغطاء لعمليات مصرفية من فتح حسابات وتحويلات مالية بالإضافة إلى عمليات غسيل الأموال، الأمر الذي يجعل من الصعب تتبع الحركات المالية للعمليات المصرفية بسبب الحماية التي تتمتع بها بمقتضى القوانين التي تضبط العمليات المصرفية.

كما تقوم تلك التنظيمات بإنشاء مؤسسات خيرية تتلقى الدعم من قبل الحكومات والمؤسسات والشركات إضافة إلى التبرعات عبر الأفراد ونقلها إما بشكل إلكتروني أو شخصي لتمويل أنشطة الجماعات الإرهابية إما عبر التمويل النقدي أو عبر شراء الأسلحة من أمراء الحرب والأسواق السوداء أو الشركات المصنعة للسلاح تحت غطاء دولي.

وتعد وسائل الإعلام الحديثة إحدى مصادر التمويل الرئيسية لتسهيل عمليات نقل الأموال وتبييضها أو تأمين الحصول على الأموال بشكل مباشر للتنظيم عبر الغطاء الإعلامي وحملات توصف بأنها تبرعات لأعمال خيرية مثل بناء المستشفيات أو دعم الأسر المحتاجة أو ما شابه.

وعلى الأغلب، تحاول الجماعات والتنظيمات الإرهابية تنويع مصادر دخلها وتمويلها بالشكل "القانوني" والدعم المباشر عبر الحكومات أو الاستثمارات أو غير المباشر من خلال غسيل الأموال.

فبعض الدول على سبيل المثال تحاول تمويل جماعات متطرفة لتنفيذ مخططات إرهابية وتوظيف الإرهاب لترسيخ فكرة ما لدى العامة في ذات الدولة أو غيرها، أو سعيا لبث الفوضى وزعزعة الاستقرار في بلد ما من خلال تقديم الدعم لأطراف متناحرة عدة من أجل مصالح سياسية أو اقتصادية على المدى البعيد.

كما تعتمد الجماعات الإرهابية أيضا على مصادر غير قانونية كاللجوء إلى التجارة غير الشرعية والارتباط بشبكات الجريمة المنظمة وعصابات المخدرات وأمراء الحرب وتجار السلاح أو التهريب.


ما يُعرف بغسيل الدماغ هو عبارة عن السيطرة على العقل والسيطرة على الأفكار أو تشكيل الأفكار عند الشخص من قبل شخص آخر أو مجموعة أشخاص. وهي تعتبر ديكتاتورية من نوع آخر ينتج عنها شخص مسلوب الإرادة والفكر غير قادر على التفكير بشكل مستقل، وشخص لديه معتقدات ومبادئ مشوشة، غير قادر على اتخاذ قرار بنفسه إنما يتبع القرارات التي يعتنقها الشخص المسيطر على عقله.


تعتبر الدعاية والإعلام أكبر عملية غسيل دماغ يتم مزاولتها على المستوى الجماهيري وعلى مستوى الأنظمة والكيانات الكبرى، ويتم تعريف الدعاية والإعلام على أنها: «استخدام الأساليب المختلفة والكلمات والترويج لها لإحداث تغيير في سلوك الجماهير».

والدعاية والإعلام من أهم أدواتها الإيحاء ومخاطبة العواطف ودغدغتها، حيث إن المخاطب الأساسي هو العاطفة في الجانب الإنساني، ومن أهم طرق الدعاية هو كما ذكرنا مخاطبة الجانب العاطفي في النفس البشرية مع تكرار المحتوى الدعائي أكثر من مرة لكي يتم ترسيخ المحتوى في ذهن المتلقي، وهناك قول -لا أتذكر القائل- يقول: «كرر كرر حتى يصبح مقررًا».



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق