الهرى العميق
بقلم : نجوان ضبيع
الحرية الشخصية للإنسان كانت وستظل مجال للمناقشة والجدال طوال الوقت ودائما وأبدا نطرح الأسئلة عن الحقوق التي تستباح للمواطنين تجاه بعضهم البعض في مناقشة أو التعليق على حياة الأخرين ونتحدث دائما وأبدا عن الحياة العامة وعلاقتها بالحياة الشخصية تلك الأحاديث أو (الهرى) كما يطلق عليها في عالم الفيس بوك لن تنتهي ولكن إذا تبادلنا الأدوار للحظات ونحينا جانبا أراءنا السياسية أو الإجتماعية تجاه بعض من مسهم هذا (الهرى ) لوجدنا أغلبنا يتجه إلى الحرية الشخصية للفرد والدفاع عنها وعدم الزج بأنفسنا إلى حوار يعنى بإختيارات الغير وليس معنى أن هذا الشخص من الشخصيات العامة أن تكون حياته الشخصية ضريبة يدفعها يوميا مقابل ما يملكه من منصب أو مكانه .
ولست هنا بصدد مناقشة ما تم مؤخرا حول أحد الشخصيات العامة من لغط وجدال ولكنى لا ابتعد مثلا عن عالم الفن والذي يعتبر أول من تمسهم تلك الحياة العامة بضريبتها الموجعة وهنا لا أجدنى أيضا استثنى الشخص ذاته من اللوم بل والزج بنفسه في أتون محرقة حياته الشخصية على الملاء فنجد بعض أهل الفن يقومون بأنفسهم بطرح حياتهم الشخصية أمام الجميع ويضعون أنفسهم في مجال الحكم عليهم طلبا للدعم المجتمعي في أزمة أو قضية تمس حياتهم مع أنها قرارات شخصية بالفعل ولهم كل الحق في إتخاذها ولكنهم أدخلوا العالم الافتراضي والمجتمع في تلك الحياة بالأحاديث العامة عنها ومنهم من يتمتع بالذكاء الاجتماعي والفني في التوقف نهائيا عن التعليق على أى إشاعات أو حقائق تمس الحياة الشخصية لهم وأجدهم أذكياء لسبب وحيد أنهم تفهموا طبيعة البشر والتي تظل مسلطة الأضواء على موضوعا ما إلا أن ياتى موضوعا أخر يزيحه عن الطريق ولكن إذا ظللنا نطرح الأمر طوال الوقت لن ينتهي الحوار حوله .
لذلك طبيعة البشر على مستوى العالم لا تختلف عما يحدث في مجتمعاتنا والحوادث والأمثلة لن تكفى هذا المقال حول من تعرضوا من أهل السياسة والفن والشخصيات العامة بل والشخصيات العادية جدا والتي تحولت لشخصيات عامة بفعل ما تعرضوا له من حوادث ولدينا الأمثلة التي تخص النساء اللاتي تعرضن للتحرش أو الاغتصاب أو الإنتهاك وكيف حكم عليهم اغلب المجتمع بدون الرؤية الحقيقة لواقع الحدث نفسه وهنا تدخلت الثقافة العامة والفكر السائد للحكم بل وإلى إختراق حياتهم الشخصية بكل بساطة.
والويل كل الويل لمن يخرج ليستنكر تلك الإختراقات فهناك من يضبط نفسه ولسانه ويتحدث بحزن أو تعجب وهنا يجد بعض التعاطف أو الشعور بتبادل الأدوار فيما بيننا ولكن حينما تصطدم الشخصية العامة بهذا المجتمع بشكل غير دبلوماسي والمواجهة مع طبيعة البشر التي تعشق التدخل في حياة الأخرين وممارسة دور الأوصياء أو الملائكة عليهم نجد أن المواجهة لن تصب في صالح من يحارب على حياته الشخصية ولكنى أيضا لست مع وضع رأسنا في الرمال كالنعام لعدم المواجهة ولكن يجب أن يعمل الإعلام والدولة كألة محركة لتغيير الثقافات في المجتمعات على تحديد الأطر العامة للحياة العامة والحياة الشخصية وطرح مفاهيم صحيحة للحرية الشخصية بل وتربية المجتمع على احترام الآخرين ونزع فكرة الحق في التعليق على حياتهم والتي اكتسبت شعبية غريبة في السنوات الماضية .
ولا أخفى أن بعض الأشخاص المتحدثين/ات عن الحريات الشخصية يعلقونها تبعا للفكر السياسي لديهم بمعنى هذا متفق مع فكرى فلنحارب من أجل حريته الشخصية بكل ما أوتينا من (هاشتاج) وإذا كان معارضا سياسيا فليبقى في محرقة الأحاديث ولا نبتئس عليه ولنجعل هذا الهرى عميقا ولنسبغ عليه أفكارنا الملائكية والتي لايفعلها الأغلب بكل أسف .
ولا أجد أمامي سوى أن الجميع أحرار يفعلون ما يريدون وفق اختياراتهم ولكنهم يجب أن يتمتعوا بالذكاء الاجتماعي مع كثير من التجاهل لأغلب الأخبار التي يتم تداولها لأن أغلبها ينبع من الثقافة العامة للمجتمع والفكر السائد فيه وليست حكما خاصة إذا كانت الشخصية نفسها بعيدة عن طرح هذه الأخبار بل وتسعى إلى تحجيم حياتها الشخصية وأفرادها بعيدا عن مقصلة المجتمع .
واللي أوله شرط أخره نور ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق