مدونة ذات طابع إخباري تقدم تغطية شاملة لكل ما يخص الشأن المصري..
(سياسية - اقتصادية - صناعية - زراعية - رياضية - سياحية - ثقافية - فنية - مشروعات قومية)

الأخبار

الاثنين، 8 مايو 2017

القوة الناعمة


فتاة القوة الناعمة

بقلم : رشا عزت ربيع

"جيشاسلاح يابانى فريد  لا تجيد استخدامه سوى تلك  الفتاة ذات الوجه الابيض التى ترتدى زيّ الكيمونو الياباني التقليدي  ذو ياقة بيضاء مثيرة مع حزام "أوبي" وجوارب "تابي" البيضاء وصنادل "جيتا" الخشبية.



ترى ماذا تخفى لنا من قوة ناعمة ؟!
بعدَ نهايةِ مرحلةِ القرونِ الوسطى لليابان بسيطرةِ توكوجاوا على الحُكمِ وتنصيبِ نفسهِ كحاكم لليابان˛ بدأتْ مرحلة جديدة سُمّيَت بمرحلةِ Edo (طوكيو).



سنَّ الحاكمُ الجديد مجموعةً من القوانينِ والضوابطِ الاجتماعية الصّارمة للحفاظِ على حالةِ السِّلم. فقدْ أجبرَ كلٌّ مِنْ طبقةِ اللوردات وأصحابِ الأراضي (المعروفة باسم دايميوي) وطبقةِ ضُبّاط الحربية من الطّبقةِ الوسطى (الساموراي) والفلاحين والفنانين والتُّجار على اتّباع قواعدَ وقوانين بِدءاً من مَلبسِهِم وانتهاءً بإدارةِ أعمالِهِمْ.
حالةُ السِّلمِ هذهِ أدَّتْ إلى ازدهارِ الاقتصادِ اليابانيّ، فتمتَّعَ النّاسُ بكثيرٍ من أوقاتِ الفراغِ مما أدى لارتفاعِ الجريمةِ والفوضى والبغاءِ في المجتمع، ولإحتواءِ انتشارِ البغاء هذا أمرَ الحاكمُ ببناءِ ثلاثة أحياءٍ مُسـَوَّرة سُمِّيَـت بأحياءِ المُتعة (ياكوكو).



تميَّزت هذهِ الأحياءُ بدرجةٍ عاليةٍ مِنَ التّنظيمِ والتّقسيم، فكان يُسمَح لنساءِ طبقةِ اليوجو بتقديمِ خدماتٍ جنسية، أمّا نساءُ طبقةِ الكوشي فمحظيَّات من المرتبةِ الثانيةِ في حينِ ارتفعَت نساءُ طبقةِ تايو ليُصبِحْنَ محظيَّاتٍ منَ الدَّرجةِ الأولى.
طبقةُ الأويران كانت تؤدِّي خدماتِها خارجَ الأحياءِ في القُصُورِ غالباً، وهنا يلمعُ نجمُ نساءِ الجيشا اللواتي اختلفنَ عن نساء الأويران والتايو ببساطة الملبسِ وتقديمِ خدماتٍ جنسيّةٍ بالمجّانِ  ولكن بالغناءِ والرَّقصِ والعزف وتقديم المشروباتِ للرّجال.



الجيشا أو الغيشا (芸 者؟)، غيكو (芸 子) أو جايجي (芸 妓) هن فنانات تقليديات في اليابان يمارسن دور مضيفات يمتلكن مهارات في الفنون المسرحية اليابانية المختلفة مثل الموسيقى الكلاسيكية والرقص والألعاب.
جيشا (/ˈɡeɪʃə/; باليابانية: [ɡeːʃa])‏،ككل الأسماء اليابانية ليس لديها جمع أو مفرد معين، الكلمة مؤلفة من مفردتين (芸  ( جى ) وتعني الفن 者 و ( شا )التي تعني الإنسان والترجمة الحرفية لهذه الكلمة هي فنان أو مؤدي.
وللجيشا مسمى آخر وهو جيكو (芸子) والذي يرمز للجيشا من غرب اليابان خاصة كيوتو، يطلق على الجيشا المتدربة اسم مايكو maiko (舞子 or 舞妓 أو الطفلة الراقصة أو هانقوكو hangyoku (半玉 نص جوهرة (بمعنى أنه يدفع لها نص ما يدفع للجيشا الكاملة).أو بالاسم الجديد اوشاكا o-shaku (御酌) ومعناه الحرفي التي تصب الكحول.



المكياج الأبيض والكيمونو المعبر والشعر المصفف على طريقة المايكو هي الصورة المأخوذة عن الجيشا، ليس على كل من تدخل مجتمع الجيشا أن تكون مايكو فبإمكانها أن تكون جيشا كاملة، بكل الأحوال يتضمن ذلك سنة تدريب كاملة قبل أن تصبح مايكو أو جيشا. وتعتبر المرأة في عمر الواحد والعشرين كبيرة لتكون مايكو ولكنها تصبح جيشا كاملة منذ بدايتها في مجتمع الجيشا.

من المفاهيم الخاطئة عن عمل الجيشا والذى كان  محورا للجدل منذ القرن الثامن عشر (ال18 م)، حيث قرن البعض اسم نساء الجيشا بعمل "المومساتخصوصا في الأوساط الغربية، وحتى في بعض الأوساط اليابانية، هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة حول ماهية فتاة الجيشا بسبب ماضي الحرفيين والبغايا وأماكن المتعة في اليابان.
إن عالم الجيشا و" عالم الزهرة والصفصاف " هي مجتمعات منفصلة جداً ويكتنفها الغموض والأساطير التي تم إنشاؤها من قبل الغرباء عن البيئة ونمط الحياة في عالم الجيشا مما أدى إلى ازدهار هذه الأساطير في الغالبية العظمى، ولأنها عوالم خاصة جدا فإن معظم الناس لا تتحدث بارتياح عن ذلك.



كان البغاء قانوني في اليابان حتى عام 1958، وهو سبب آخر في المعلومات الخاطئة بأن فتيات الجيشا لا يقدمن الجنس للعملاء، وأصبح هناك خلط خاصة بأن العديد من المومسات المحترفات واللواتي اهتممن بجنود الاحتلال بعد الحرب العالمية الثانية أطلقن على أنفسهن "جيشاوفي الوقت الذي كانت قليل من الجيشا الحقيقيات قادرات على العمل شوه العديد من فتيات الجيشا المزيفات معنى الكلمة في عيون الكثير من الأجانب.
ويمكن لفتيات الجيشا أن يدخلن قلوب الذكور بالموسيقى والرقص والملاطفة، فالراقصة اليابانية ليست مظهر من مظاهر الخضوع والانقياد ولكنهن نساء ناجحات ماديا وعاطفيا ويتسمن بالقوة فهن أقوى نساء اليابان الغارقات بالتقاليد" إوا ساكي منكيو (Iwasaki Mineko).
في حياة الجيشا يتعلمن مهارات الرقص التقليدي وأداوته ويحظين بمكانة اجتماعية رفيعة، بالرغم من إتخاذهن عشاقاً أو أصدقاءً قاموا باختيارهن وأغدقوا عليهن الأموال.
لا يوجد نظير لظاهرة فتيات الجيشا في عالم الغرب، إنه أكثر الفنون اليابانية أصالة.



من هي فتاة الجيشا؟
الجيشا هي فنّانة ومُضيفة وتلعبُ دوراً بكونِها أحدُ الرُّموزِ التّقليديّة لليابان، يُختَصَرُ عملُ الجيشا بالضّيافةِ والتّرفيهِ كالقيام بفنونِ الرَّقصِ والغناءِ والعزفِ وألعابِ التسلية وسِقاية الشاي ومشاطرةِ الحديث مع الزبائن من الذكور غالباً.

حياةُ الجيشا:
تعيشُ الجيشا في أحياءِ الجيشا المُسمّاة هاناماشي (المنفصلة تماماً عن أحياء المتعة) في بيوتٍ يابانيةٍ تقليديةٍ (أوكييا) تديرُها بالعادةِ امرأةً أكبرُ سِنّاً أو أمُّ البيتِ (أوكاسان) وغالباً تكونُ هيَ نفسها جيشا مُتقاعِدَة.
تكرِّسُ الجيشا معظمَ وقتِها لتعلُّمِ فنونِ الجيشا، فإضافة لتلقِّيها صفوفاً في تعلُّمِ الألعابِ وتعلُّمِ اللَّهجةِ المحلَّيةِ وفنونِ المُحادثةِ والمكياج وارتداءِ الكيمونو ومراسم سقاية الشاي˛ تصبِحُ صفوفُ الرَّقصِ والموسيقى مرهِقةً بمرورٍ سنوات التدريبِ اللازمة للوصول للاحترافية، فعندَ تخرُّجِ الجيشا تكونُ قد أمضتْ 5 أو 6 سنوات في دراسةِ الفُنون التقليدية.



زيُّ الجيشا:
يفرضُ التّقليدُ في اليابان على الفتاة عندما تتزوج أن تغيِّرَ من تسريحةِ شَعرها وزيِّها وحُليِّها لتعكسَ رزانتها واحتشامها˛ لكن في عالم الجيشا يحدثُ هذا التّقليد عندما تنتقلُ الفتاةُ منْ كونِها مايكو (جيشا مبتدئة) لتصبحَ جيشا أو جييكو (جيشا متدرِّبة بمهنيّة كاملة).
زيُّ الجيشا المحترفة أقلُّ زخرفةً وتوهجاً من زيّ المايكو، فكيمونو الجيشا المحترفة يكون عادةً ذا لونٍ واحدٍ خفيفٍ بتصميمٍ يمتدُّ من حوافّه لمشهدٍ طبيعيّ من موضوعاتِ اليابانِ التّـقليدية ويتوافقُ معَ فصولِ السـَّـنة، أيضاً˛ زنار الجيشا المحترفة العريض (أوبي) أكثرُ إتقاناً وغالباً ما يكونُ ذا لونٍ واحدٍ مطرّز بدبايسِ زينة وأحزمة أصغر.



مكياج الجيشا:
أكثرُ مايميِّزُ الجيشا هو لونُ وجهِها الأبيض، توجَدُ العديدُ من الرِّواياتِ التي تعزو سببَ وضعِ الجيشا للَّونِ الأبيضِ على وجهها˛ إلا أنَّهُ يمكنُ القولُ أنَّهُ باتَ علامةً تجاريّةً سَوَّقتْ الجيشا من خلالِها نفسَها حولَ العالم.
يتميّزُ مكياجُ المايكو بتوهُّجهِ وشِـدَّتـِه إلّا أنَّهُ يخُفُّ كُلَّما تقدَّمتْ بمهنتِها فيصبِحُ التّركيزُ على حِرَفيـَّتِها في أداءِ الفنونِ والضّيافة، تدهنُ الجيشا وجهَها عدا الأطراف ليبدو وكأنَّها تضعُ قناعاً˛ أمَّا العنق، فهي تتركُ مؤخرةَ عنقِها بلا لونٍ مـُشَكِّلةً حرفففي مقياسِ الجمالِ اليابانيّ التّقليديّ تُعتـَبرُ مؤخِّرةَ العُنقِ منطقةَ إثارةٍ حســّيّةٍ جـســديّة لذا تعملُ الجيشا على إبرازِ هذهِ المنطقةِ بتركِها بلا لون.



مراحلُ المِهنة:
تمرُّ فتاةُ الجيشا عبرَ حياتِها بثمانيةَ مراحل:

مرحلة الشيكومي:
وهي مرحلةُ الأعمالِ الشَّـاقةِ حيثُ تقومُ الفتاةُ الصَّغيرةُ (مايكو) بالعملِ كخادمةٍ في منزلِ الجيشا (أوكييا) بالإضافةِ لبعضِ المَهامِ البسيطة، فسواءً كانتِ الفتاةُ إحدى بناتِ الجِيشا أو مُباعةً لبيوتِ الجيشا فإنَّ عليها أنْ تمرَّ بهذه المرحلة، تلزمُ القوانينُ الحاليّة في اليابان على الجيشا أنْ ترتادَ المدرسةَ لعمر الـ 15 عاماً إلى جانبِ عملِها كجيشا يافعة.

مرحلة الميسداشي:
عندما تصبحُ الفتاةُ مايكو لابدَّ لها أنْ تجدَ أختاً منَ الجيشا الأكبر منها سِنَّاً (أونيي سان) تكونُ بمثابةِ ناصحةٍ ومعلّمةٍ لها، يجري ارتباطُ المايكو والأونيي سان ضمنَ احتفالٍ يُسمَّى ( سان سان كودو) يُعلَنُ فيهِ اسمُ المايكو الجديد أمامَ أسيادِها وأعضاءِ حيِّ الجيشا الـ هاناماشي.

مرحلة الميناراي:
بعد المرورِ بمرحلةِ الميسداشي˛ تصبحُ الجيشا اليافعة المايكو عضواً عاماً بمجتمعِ الجيشا لكن دون إتمامِ التدريبِ الكافي لتبدأَ عملِها بالضّيافة، فمهمَّة الـ أونيي سان اصطحابها للـ اوزاشيكي (مكان اجتماع الجيشا) حيثما تجلس المايكو بصمتٍ مطيعةً لأوامرِ الجيشا الأكبر منها، بهذهِ الطريقة تتعلّم المايكو أساليب الجيشا وتصبحَ معروفةً لدى الزَّبائن خلالَ فترةِ تدريبِها، فخلالَ هذهِ المرحلة ولآخِرِ مهنتها ترتادُ المايكو صفوفاً بفنونٍ اختارتها من فنونِ الـ كابورينجو على الرّغمِ من توقّفها عنِ الذَّهاب للمدرسةِ الثانوية العامّة.

مرحلة الميزواجي:
يُتوقع أحياناً أنْ تمرَّ المايكو خلال فترة تدريبها بهذه المرحلة، فقد عنت هذه المرحلة فيما مضى فقدان المايكو لعذريَّتِها مع أحدِ الزَّبائنِ على الرّغم من أنَّ قوانين اليابان تمنع ذلك، فمرحلةُ الميزواجي تُعتبرُ مسألةً شخصيّةً وتخصُّ المايكو وحدَها فقط، وهيَ ليست موضوعاً عامَّاً للتداول.
تغييرُ تسريحةِ شعرِ المايكو هيَ دليلٌ على نُضجِها أكثرَ منهُ على عـُذريـَّتها حيث يحدث هذا التغيير في التسريحة عندما تبلغ الـ 18، هناك 5 تسريحات يتوجّبُ على المايكو ارتدائِها لتدلَّ على مراحلِ تدريبِها المختلِفة.



مرحلة الإيريكا:
وهيَ مرحلةُ انتهاءِ التّدريبِ أو قلبُ الياقةِ وهوَ احتفالُ تحوُّلِ المايكو لـِ جيشا، في هذهِ المرحلةِ تغيّرُ المايكو ثوبَ الكيمونو الفووريسودي (كيمونو ترتديه الفتيات) إلى كيمونو الكوسودي (كيمونو تدرتدينه النسوة) ˛ بالاضافةِ لتغييرِ تسريحةِ شعرِها لواحدةٍ أكثرُ نضجاً بالإضافة لتغيير لونِ ياقةِ الثّوبِ من الأحمرِ للأبيض، فمن الآن فصاعداً على المايكو التي أصبحتْ جيشا أنْ تتصرّفَ كالنِّساء، فتغييرِ الياقِة هوَ دليلُ نضجِهَا.ويقام  لها حفل يسمى   البالغة صاحبة الياقة البيضاء فهى اكثرهن جمالً وثقافة وذكاء.

مرحلة السان سان كودو:
وهي مرحلةُ الشُّربِ من أكوابِ الساكي الثلاثة اليابانية بمعدَّل 3 رشفات من كلِّ فنجان ومشاركة ذلك مع من تربطك بهِ صلةً وثيقة، تقومُ الجيشا بهذا التقليدِ عندَ ارتباطِها بسيــِّدٍ يرعاها، وهوَ تقليدٌ يابانيّ احتفاليّ بالزواج يُقام أيضاً خارجَ عالم الجيشا.

مرحلة الهيكي-إيواي:
وهو احتفالُ تقاعدِ الجيشا من عملِها، حيثُ تتزوَّجُ الجيشا أو تصبحَ أوكامي-سان.

مرحلة الأوكامي-سان:
إنْ لمْ تتزوَّج الجيشا فإنَّها تصبحُ مالكةً لأحدِ بيوتِ الجيشا بعدَ تقاعُدِها.



تلك النساء لَسْن محظيات أو فتيات هوى، قبل الحرب العالمية الثانية، كانت عذرية فتاة الجيشا تُباع في المزاد العلني لمن يعرض أعلى سعر، لكن لم يعد الجنس جزءاً من الصفقة اليوم.
يعني التحول إلى "جيشا " أن تصبح الفتاة جزءاً من مجموعة خاصة وأن تلبّي دعوتها في الحياة، تكون هذه المرأة صاحبة مهنة وهي فنانة استعراضية.
بدأت أعداد فتيات الجيشا الحقيقيات في اليابان تتلاشى، بعدما كان العدد يبلغ 80 ألفاً في أنحاء اليابان في بداية القرن العشرين، يقتصر العدد الآن على بضعة آلاف وفي كيوتو، نجد حوالى 150 فتاة "جيشا" و"مايكوأي متدرّبة".



وأخيراً
التواجد مع فتاة الجيشا يعني التواجد مع رفيقة جميلة وطليقة اللسان وموهوبة طوال الأمسية، ويُعتبر هذا الحدث رمزاً للمكانة الاجتماعية.
في الماضي كان العملاء من الساموراي والقادة العسكريين، لكنهم يشملون الآن السياسيين والممثلين والمديرين التنفيذيين الذين يستعينون بفتيات الجيشا كل ساعة لتمضية عشاء خاص في المطاعم اليابانية التقليدية وفي بيوت الشاي.



ولذلك امتلكت  فتاة الجيشا مفاتيح قلوب وعقول رجال أهم إمبراطورية  فى العالم لتستحق
لقب فتاة " القوة الناعمة "..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق