
ميثاق شرف
بقلم : نجوان ضبيعأتابع أحيانا في أوقات الفراغ بعض المسلسلات التركية الدرامية واسترعى انتباهي إتفاق تلك المسلسلات في أفعال محددة يقومون بها بغض النظر عن نوعية الدراما المعروضة والسياق الدرامي عموما وأهمها على سبيل المثال تظليل مشاهد الدماء التي قد تكون فى المشهد نتيجة حادث أو شجار..
ولا أخفيكم سرا أننى تابعت تلك المسلسلات لمجرد رصد تلك المشاهد ووجدت أنهم يظللون كؤوس المشروبات الروحية فلا نرى ما بداخلها بل ويقطعون صوت التراشق بالألفاظ في المسلسل بالصفارة المعروفة وتساءلت أليس تكرار تلك القواعد في كل المسلسلات يمثل ميثاق شرف للدراما فى تلك الدول ملزم للجميع؟
إذن دعونا نتجول فى الدراما العربية والمصرية تحديدا ماذا نرى؟ كلمات من عينة (المصداقية . رصد الواقع . لا ندفن رؤوسنا فى الرمال كالنعام ..الخ ) من العبارات الطنانة عن الأهداف السامية لما نراه من مشاهد دموية صريحة وألفاظ نستنكر سماعها فى شوارعنا فتأتى إلى بيوتنا بالبريد السريع ألا نحتاج نحن أيضا إلى ميثاق شرف يلتزم به كل المخرجين والمنتجين فى تقديم الدراما التي تقدم للمواطن مجانا في المنازل وغرف النوم؟
ولست هنا بصدد إلباس الدراما لباس التقوى والأخلاق أو تقييد المؤلفين بقواعد فى الكتابة تجرنا إلى دائرة لا تنتهي من الجدل حول هل الدراما راصد ام مغير للواقع، ولكنى أطالب بأن يكتب المؤلف مثلما يحلو له ويرغب وعند المعالجة الدرامية الإخراجية للمشاهد أن نلتزم بالحفاظ على سمع وبصر المشاهد بتلك القواعد التي رصدتها فى دراما دول أخرى ناجحة ولم يتأثر السياق الدرامي بالتظليل لمشاهد الدماء والتي أؤكد عليها، لأنه نظرا للفترة السابقة والتي انتشرت فيها فيديوهات القتل والحرق للدواعش على سبيل المثال أوصلتنا أننا نتابع رؤية تلك المشاهد الدموية ولا نتأثر أو تتحرك مشاعرنا وصارت رؤية تلك الفيديوهات من التصرفات العادية عند البعض وهذا أمر مفزع ومخيف لأنكم انتم تنتجون جيلا يرى كل أشكال العنف خارج وداخل منزله فأين دور الدراما بجانب رصد الواقع أن تساهم في تغييره للأفضل..
واعتقد أن هذا من الأهداف السامية النبيلة بجانب النجاح بحجم الإعلانات أو المشاهدة، فنتحدث ليلا ونهارا عن المسلسل الذي استخدم ألفاظا خادشة للحياء أو قدم مشاهد دموية صريحة وتقام البرامج للنقد وحث المؤلفين على مراعاة كذا وكذا ألا ينبغي لنا ان تقود تلك البرامج حملة لطرح فكرة ميثاق شرف الدراما ويكون بداية لتقديم وجبات درامية مشبعة للمشاهد بدون تحفيزه الحسي على التعود على ما لا نرغبه من سلوك وأفعال بمجتمعاتنا ؟ ونعود لنقدم برامج أخرى عن انتشار العنف واندهاشنا من ذلك ؟ لعلنا نجد الإجابة قريبا.
اعتقد إذا تحدثنا عن الريادة المصرية فى الدراما آمل بل أتوقع أن نكون المبادرين بطرح فكرة ميثاق الشرف للدراما خصوصا بعد هوس هذا العام الخاص بالمسلسلات المقدمة +18 أو +16 والأعجب أنى رأيت +12 !!!! ما هذه التقليعة الجديدة إلا يدركون من يضعون تلك الشروط للمشاهدة أنه لكل سن قواعد وكيف تصير كل المسلسلات المقدمة تحمل تلك العلامات من الرقابة ولماذا لا نشترك جميعا فى شروط ثابتة ولا تخل بالسياق الدرامي وتقدم لنا فنا جميلا فى نفس الوقت؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق