مدونة ذات طابع إخباري تقدم تغطية شاملة لكل ما يخص الشأن المصري..
(سياسية - اقتصادية - صناعية - زراعية - رياضية - سياحية - ثقافية - فنية - مشروعات قومية)

الأخبار

الخميس، 11 مايو 2017

القوة الناعمة

سيدة الحب والجمال والحرب

بقلم : رشا عزت ربيع

سيدة الحب والجمال والحرب  تلك الجميلة الماكرة الخادعة الساحرة لقلوب معشوقيها إنها  عشتار أو أشتار أو إشتار أو عشروت أو عشتاروت هي إلهة الحب والحرب عند البابليين.


 وكلمة عشتار بالعبرية معناها نجمة الصباح، وكان يرمز لها بالأسد، (عشتار) نسر على هيئة امرأة عارية تركب وحوشا وهي إلهة الحرب والحب في بابل القديمة وتجمع بين الجنس الإباحي والإجرام الدموي وتحكم الشرق الأوسط منذ ألاف السنين  ومعبدها الرئيسي كان في نينوي عاصمة موصل.

وكان السومريون يطلقون عليها عناة والعرب يسمونها عثتر والإغريق يسمونها أفروديت، ظهرت أول مرة في بلاد سومر في جنوب العراق، قبل أكثر من ستة آلاف عام، إما بشخصها المرسوم على الأختام الأسطوانية وبعض المنحوتات، وإما بالرمز الذي يدلّ عليها في الخطّ المسماريّ وهوالنجمة الثمانية التي تشير إلى كوكب الزهرة، ألمع الكواكب. 




وقد سمّاها السومريون ((عينانا))، وهي في أساطيرهم إبنة اللإله (سين) إله القمر، وأمها الإلهة ننكال، وأخوها الإله (أوتو) إلاه الشمس، وأختها الإلهة (إيرشيكال) إلهة العالم السفلي، عالم الأموات، وهي أعظم الآلهات وأسماهن منزلة. 

وكان مركز عبادتها الأصليّ مدينة الوركاء عاصمة بلاد سومر، التي كانت تُعدّ من أهمّ المراكز الدينيّة والحضاريّة لعصور طويلة، وقد لعبت دورا هاما في ملحمة جلجامش.


عشتار هي إلهة الحب والخصب والحرب عند شعوب الشرق العربي القديم، عُبِدَتْ في سورية ومصر وبلاد الرافدين، وتفيد كلمة عشتار في الأكادية معنى الآلهة عامةً، وهي مأخوذة من اسم الإلهة السورية عطَّار، أما اسم عشتار في البابلية فيعني عيش الأرض.


تعود جذور عبادة هذه الآلهة إلى السومريين الذين عاشوا في جنوبي بلاد الرافدين، وكانت تسمى عندهم إنانا (ملكة السماء)، وكان مركز عبادتها مدينة الوركاء السومرية (على ضفة الفرات)، وكان لها معبد في كل مدينة سومرية أو أكادية كبيرة، وخرجت عبادتها خارج حدود بابل إلى كل مدينة من مدن الدولة الآشورية، وعُبِدَت في المستعمرات الفينيقية في غربي البحر المتوسط، وسميت أفروديت عند الإغريق، بعد أن أخذ اليونان عبادتها من جزيرة قبرص، وأسماها الرومان فينوس.



وصفت عشتار بصفات متعددة، ومن أهم صفاتها الخِصْب، بما في ذلك التكاثر ونمو الزرع وكثرة المحاصيل، وهي إلهة الحب والجمال، ويُلاحظ ذلك في الدمى الكثيرة التي صنعها لها الفنانون القدامى، وصوروها شابَّةً ممتلئةَ الجسم ذاتَ قوام جميل، وهذا يظهر أيضاً في بعض التراتيل والأشعار التي كتبها الشعراء البابليون عنها.

من صفاتها المهمة أنها إلهة الحرب، ومن أسلحتها الفأس المزدوجة والسيف والقوس، ولقبوها في بلاد الرافدين بسيدة الحرب، وظلت تُعْرَفُ بهذه الصفة إلى آخر العصور التاريخية.


ورد اسم عشتار في نصوص كثيرة تعود إلى عصور مختلفة من التاريخ القديم، فقد كانت الشخصية الرئيسة في كثير من الأساطير والملاحم القديمة، فهي في ملحمة غلغامش إلهةٌ تستقطب بجمالها أنظار الرجال، ولها عشاق كثيرون، منهم الإله دوموزي (تموز)، ومنها أسطورة عشتار وتموز التي يرد فيها زواج عشتار من الإله تموز، وصار هذا الزواج من طقوس الخصب الرئيسة في بلاد الرافدين، وعُرِفَ بين المختصين بالزواج المقدس، وصار لهذا الحدث العظيم عيدٌ يُحتفَل بإقامته كل عام.




من الملاحظ أن الكَّتاب الإغريق والهلنستيين اقتبسوا هذه الأساطير ونسجوا على منوالها أساطير أخرى متأثرةً بأساطير عشتار المشرقية مع تغيير في أسماء الآلهة، إذ نجد أسطورة عستارت وأدونيس التي تذكرِّنا بأسطورة عشتار وتموز، وتدور حوادث الأسطورة حول حب أفروديت الإغريقية للإله أدونيس، الذي تنتهي حياته إلى الموت، كما هي الحال في أسطورة عشتار وتموز الذي يلاقي النهاية ذاتها.


بقيت عبادة الإلهة عشتار منتشرة في العصور القديمة، من السومريين حتى الأكاديين والبابليين والآشوريين، وبقي اسمها بارزاً حتى بعد سقوط الامبراطورية الآشورية، وأطلق اسمها في العصر البابلي الحديث 625 ـ 539 ق.م على واحدة من أشهر بوابات العاصمة بابل، وهي تُعْرَفُ اليومَ ببوابة عشتار، وقد استمرت عبادة الإلهة عشتار حتى القرون الأولى لانتشار المسيحية، حتى قام الامبراطور المسيحي قسطنطين بهدم آخر معابدها في جبل لبنان بسبب طقوسه الجنسية أو ما يسمى بالزواج المقدس.


قال فيها جلجامش فى ملحمته الشهيرة  قائلاً


(( ما أنتِ إلا مَوقد سرعان ما تخمد ناره في البرد

      أنتِ باب لا ينفع في صدِّ ريح عاصفة
      أنتِ قصرٌ يتحطم في داخله الأبطال
      أنتِ بئر تبتلع غطاءها
      أنت حفنةُ قيرٍٍ تلوِّث حاملَها
      أنت قربةُ ماء تبلِّل صاحبها…
      أنت حذاء تقرص قدم منتعلها..))


ويصفها الكتاب المقدس الإنجيل في سفر الرؤيا : 




(( الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة التي زنى معها ملوك الأرض وسكر سكان الأرض من خمر زناها فمضى بي بالروح إلى برية فرايت إمرأة جالسة على وحش قرمزي مملوء أسماء تجديف له سبعة رؤوس وعشرة قرون والمرأة  كانت متسربلة بارجوان وقرمز ومتحلية بذهب وحجارة كريمة ولؤلؤ ومعها كأس من ذهب في يدها مملوة رجاسات ونجاسات زناها وعلى جبهتها اسم مكتوب سر بابل العظيمة أم الزواني ورجاسات الأرض.

ولكن لما اكتسبت عشتار تلك المشاعر الممزوجة بالعشق والكراهية ونسج حولها الكثير من الاساطير التى جعلتها لعنة شقاء لمن قابلها


يُقال أن عِشتار ذات جمال باهر لم يشهد له مثيل حتى أوزيس عشقها، ولم يكن أهل الأرض بعيدين ذلك العشق، كانت عشتار تدور بين عالم البشر، بحثاً عن الضحايا حتى وصلت إلى ملوك البشر فكانت تأخذ كل ما يملكون، وتعدهم بالزواج حتى إذا ما أخذت أعز ما يملكون تركتهم وهم يبكونها ليلاً ونهاراً. 


وبفي يوم وصلت عشتار إلى راعي أغنام فذهلهُ جمالها، وأغوتهُ عيون الفتاة، فقام بذبح شاة لها لكي تبقى معه لأطول زمن ممكن، فأخذت تأكل عشتار ثم رحلت، وفي اليوم التالي ذبح لها وفي الثالث فعل نفس الشيء، حتى لم يبق لدى الراعي شيء يقدمه لعشتار، سألها البقاء معه ولكنها رفضت وقالت: أنه لا يملك شيء يغريها بالبقاء معه ،فقام الراعي بسرقة شاة وأخذ يبحث عن عشتار ليقدم لها ما سرق، ومن يومها أصبح الراعي ذئباً يسرق من الرعاة على أمل أن تعود عشتار لتجلس معه.


وتسرد أسطورة سومريّة أخرى لنا كيف أن الإلهة انانا ( عشتار ) نقلت ذات يوم شجيرة تنبت على ضفة نهر الفرات إلى مدينة الوركاء وزرعتها في "بستانها المقدّس" على أمل أن تنمو تلك الشجيرة وتصير شجرة سامقة الأغصان فتصنع من خشبها عرشاً وسريراً لها، وعندما كبرت الشجرة وحان وقت قطع أغصانها اكتشفت أن أفعى قد اتخذت من أسفلها مخبأ، وأن طيراً بنى في أعلاها عُشّاً، وأن عفريتة استقرت في وسط جذعها، فاستنجدت اينانا بأخيها أوتو إله الشمس الذي أسند المهمة إلى البطل المشهور جلجامش، فجاء هذا البطل متسلِّحاً بدرع سميك وفأس ثقيلة، واستطاع أن يقتل الأفعى، وعند ذاك فرّ الطير وهربت العفريتة إلى الخرائب المهجورة، فقطع جلجامش أغصان الشجرة وحملها هدية إلى اينانا لتصنع منها عرشاً وسريراً.



وفقا للأساطير أيضا تزوجت عشتار الإله تموز  كما ذكرت من قبل زواجا قتل بعدة تموز، فحزنت عليه حتى بلغت حدا أبت تحت رزئه إلا النزول إلى عالم الموتى لترى تموز هناك. 


فساءت الأحوال على الأرض وتوقفت وانقطع النسل، فأرسلت السماء أمرا إلى العالم السفلي بإخلاء سبيل عشتار.


 عادت عشتار إلى الأرض ومعها عادت الحياة تموز، وكانت هذه القصة محورا أساسيا في الدين البابلي لفترة طويلة. 


يعتبر هبوط إنانا ( عشتار) إلى العالم السفلي أول ملحمة إنسانية حول موضوع الإله الفادي، بحيث تقوم إنانا بتضحية اختيارية وتنزل إلى العالم السفلي، بحيث تلبث ثلاث ايام، ثم يسعى خادمها الأمين لاستعادتها


وقد لُقِّبَتْ عشتار بـ"ملكة السماء" لعلاقتها بالقمر وتغيُّر طباعها بتغيُّر أطواره، وكذلك بـ"البقرة السماوية" لارتباط رسم الهلال بقرن البقر.


منذ أن رأى الإنسانُ في القمر تجسيدًا لعشتار، ربط في ذهنه رمزيًّا بين قرون البقر وقرنَي الهلال، وصوَّر في خياله الأمَّ الكبرى على هيئة بقرة سماوية يرسم قرناها هلالاً في السماء. 




الأنثى المتقلِّبة المزاج، الغامضة الأطوار، التي تستلهم في سلوكها خصائصَها الطبيعية، لا قوانين التنظيمات الإجتماعية المُحكمة.


وفي هذا تشبه المرأةُ القمرَ المتبدل دائمًا، بخلاف  ثبوت الشمس التى كانت ترمز  لزوجهاتموز.


وصفت عشتار نفسها:


 انا "سيدة الأسرار" تقول بلسان الأمِّ المصرية الكبرى: "أنا ما كان، وما هو كائن، وما سيكون" أنا الأول، وأنا الآخر/ أنا البغي، وأنا القديسة/ أنا الزوجة، وأنا العذراء/ أنا الأم، وأنا الابنة/ أنا العاقر، وكُثُرٌ هم أبنائي/ أنا في عرس كبير ولم أتخذ بعلاً/ أنا القابلةُ ولم أنجب أحدًا/ وأنا سلوى أتعاب حَملي/ أنا العروس وأنا العريس/ وزوجي مَن أنجبني/ أنا أم أبي، وأخت زوجي/ وهو نسلي.



وأخيراً


عشتار هي "سيدة الحكمة الليلية الخافية"، و"سيدة الإلهام" الذي ينير نفوس الشعراء، فكانت راعية الفنون والآداب، بينما تصدر عن الحكمة الشمسية العلومُ إذ أن ضوء العقل يكمن في الشمس، بينما تكمن العواطفُ والمواهبُ.

فهى أحد أهم ربات القوة الناعمة لعالم  وحضارات كان يجد فى الأساطير حياة..





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق