مدونة ذات طابع إخباري تقدم تغطية شاملة لكل ما يخص الشأن المصري..
(سياسية - اقتصادية - صناعية - زراعية - رياضية - سياحية - ثقافية - فنية - مشروعات قومية)

الأخبار

الخميس، 20 يوليو 2017

كلمات رنانة

الإعلام الأمريكى وقضايا الشرق الأوسط

بقلم : دسوقي عبدالله

لا يستطيع أحد أن يتكهن بحقيقة السياسة الإعلامية الأمريكية تجاه المنطقة العربية بصفة خاصة ... والشرق الأوسط بصفة عامة .. ولتوضيح حقيقة هذه السياسة .. من الحتمى إلقاء نظرة متفحصة عن طبيعة المؤسسات الإعلامية الأمريكية ..خلال القرن العشرين والواحد والعشرين ..

تغيرت هياكل المؤسسات الإعلامية الأميركية تغيرًا جذريا خلال ربع قرن، وعلي وجه التحديد في العقد الأخير، فاندمجت عشرات بل مئات من الصحف وشبكات الإذاعة والتليفزيون الصغيرة في مؤسسات إعلامية عملاقة من مؤسسات متعددة الجنسية قد لا يزيد عددها عن عشر شركات عملاقة تضم اليوم أبرز 300 مؤسسة صحفية كبرى في العالم أصبحت تشمل شبكات التليفزيون الرئيسية، وأهم المحطات الإذاعية، وقنوات الكوابل التليفزيونية، وستوديوهات الأفلام السينمائية، ومعظم دور نشر الكتب والمجلات.

نذكر من هذه الشركات شبكة فوكس، التي يملكها اليهودي روبرت ميردوخ، وشركة كلير تشانل كومنيكاشين – وهي شركة إعلام أمريكية عملاقة تملك بدورها العديد من وسائل الإعلام المرئي والمسموع وتعتبر محطة كلير من أبرزها، هذا إلى جانب شبكات الإن بي سي " أو" أيه بي سي " أو سي بي سي "، وصحيفة " نيويورك تايمز " و"يو أس تودي " وغيرها. 

اعتمدت الولايات المتحدة منذ أواسط القرن المنصرم على وسائل الإعلام أداة في التوجه إلى شعوب العالم عبر خطاب سياسي مدروس يتم الإعداد له في أروقة البنتاغون والإستخبارات المركزية الأمريكية السي أي إيه أو البنتاغون وذلك وفق ما تستدعيه المصلحة والضرورة في هذا البلد أو ذاك.

أما البث الأمريكي الموجه إلى الشرق الأوسط باللغة العربية فقد بدأ رسميا عام ألف وتسعمائة واثنان وأربعون عبر ما عُرف بصوت أمريكا التي أخذت تبث وتُعد برامج إذاعية وتلفزيونية بأربعة وثلاثين لغة وقد خصت منطقتنا بدائرة أفرزت منذ الغزو على العراق محطة "سوى" الإذاعية وتلفزيون الحرة وعدد آخر من وسائل الإعلام المحلية المتنوعة.

والحرة قناة فضائية أمريكية موجهة، يضم فريق العمل فيها أكثر من مائتي صحفي وإعلامي عربي، استقطبوا من وسائل إعلامية مختلفة، وقد اعتمدت في انطلاقتها على ثلث الفريق العامل ضمن محطة الإل بي سي اللبنانية وفق عقد وقع في حينه بين المؤسستين، وهي تعمل تحت إدارة إعلامية تشرف في ذات الوقت أيضًا على شبكة إذاعات "صوت أمريكا".

يتألف مجلس أمناء الحرة من 9 أعضاء من بينهم 4 جمهوريين و4 ديمقراطيين، إضافة إلى وزير الخارجية كولن باول بحكم منصبه.

وقد خصص الكونغريس الأمريكي 62 مليون دولار لتمويل القناة خلال عام 2004، ويقع مقر القناة الرئيس في مقاطعة سبرنغفيلد، إحدى ضواحي ولاية فيرجينيا، على بعد 20 دقيقة من وسط واشنطن، فيما تنتشر شبكة مراسلين للمحطة التليفزيونية في معظم أنحاء العالم العربي.

هذا وتعتبر "الحرة" أكبر مشروع إعلامي – سياسي- غربي موجه إلى العرب منذ إطلاق القسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عام 1934.

تعتبر التغطية الإعلامية الأمريكية للشؤونِ العربيةِ والإسلاميةِ سلبيةعموماًَ، و تحاول النظريات الكلاسيكية تفسيرها على أنها إما إنعكاس دقيق للسياسة الأمريكيةِ نحو هذه البلدانِ أَو كنتيجة لتأثير الإعلام على السياسة الخارجية.

إن النَظْر إلى التغطية الإعلاميةِ الأمريكيةِ من منظور سياسي لا يقدم تفسيراً كاملاً لها، فهناك عيوب واضحة في النماذجِ الكلاسيكية التي تسعى لشرح هذه التغطية، فمن ناحية لا تستطيع أطروحة الاحتكار الإعلامي أن تفسرالموقف السلبي لوسائل الإعلام الأمريكية من بعض الحلفاء الأقرب للولايات المتّحدةَ في المنطقةِ، مثل السعودية، ومن ناحية أخرى لا تستطيع مدرسة السي إن إن تفسير فشل الإعلام في التأثير على السياسة الأمريكية حيال العديد من القضايا الدولية. 

هذا النموذجِ الأخيرِ لا يُوضّحُ، على سبيل المثال، لماذا امتنعت الولايات المتّحدة عن التَدَخُّل في الحرب الأهليةِ الجزائريةِ لإيقاْف الأعمال الوحشية التي ارتكبت باسم الديمقراطيةِ رغم التغطية الواسعة والمستنكرة لوسائل الإعلام الأمريكيةِ أو عدم اكتراث واشنطن بالمعاناة الطويلة للشعب الشيشاني…الخ. 

باختصار، إن نظرية تأثيرالسي إن إن وأطروحة الإحتكار الإعلامي لا تكفي لتَوضيح التغطية الإعلاميةِ الأمريكيةِ وعلاقتِها بالسياسة الخارجيةِ في الشرق الأوسطِ، وعندما يتم تطبيق هاتين النظريتين على أحداث المنطقة، كما هو الحال دائماً، فإن هذاالتطبيق يتم بشكل انتقائي ولا يَخرج عن مقولة: “أن وسائل الإعلام إما أن تنتزع السياسة الخارجية من أيدي النخبةِ وتَفْتح الباب أمام جمهورِ قليل الإطلاع للتأثير فيها أَو أنها تلتزم بدورها في خدمة و ترويج التوجهات السياسية للنخبة الحاكمة”.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق