
الصراع علي السلطة - 12 -
بقلم : صبحي وحيد
الصراع العربي الإسرائيلي
في ظل تشابك الأحداث وتسارعها وشعوري بقدوم خطر وشيك حاولت أن أجمع شتات أفكاري لكي أفند معكم مراحل الصراع العربي الإسرائيلي، ولكن لا أخفيكم سرا شعرت بكثير من الألم والأسي وامتلئ حلقي بمرارة يشعر بها كل عربي حر علي حالنا في معظم مراحل هذا الصراع، وبالأخص في ما ألت إليه الأمور الأن من ذل ومهانة وتواطئ من الحكام العرب ضد القضية العربية، تحت شعار الأمن والسلام وخصوصا أمن المواطن الإسرائيلي، وليذهب أمن المواطن العربي إلي الجحيم..
اليوم فقط شعرت بنهاية هذا الصراع الذي بدء بوعد بلفور، مرورا بتهجير الفلسطينيين والمذابح والحروب التي ارتكبها العدو الصهيوني ضد العرب وما أكثرها، وانتهاءا بوعد الحكام العرب بالحفاظ علي أمن المواطن الإسرائيلي..
فقد تحول الصراع والنزاع الذي استمر عشرات السنين إلي سيطرة كاملة من العدو الإسرائيلي علي إرادة الحكام العرب بعد تحول المنطقة العربية بالكامل لحقل ألغام ملئ بالفتن والحروب والإرهاب وغضب الشعوب علي حكامها، ويبدو أن حكامنا وجدوا أن أمنهم واستمرارهم في مناصبهم مرتبط بأمن وسلامة اسرائيل..
وقد تجسد ذلك في الزيارت واللقاءات السرية والعلنية بين الحكام العرب والأعداء الصهاينة حسب روايات الصحف الأسرائيلية..
علي مر التاريخ لم تخلو المنطقة العربية من الصراعات سواء داخليا أو خارجيا, ولكن يعد الصراع العربي الإسرائيلي من أطول وأعقد الصراعات في العالم نظرا لأبعاده الإقليمية وخلفياته الدينية والتاريخية المتشابكة..
إن طبيعة هذا الصراع تختلف عن غيره من الصراعات حول العالم، فهو ليس صراع علي الحدود، أو اختلاف علي النفوذ، وانما تخطي كل ذلك ليكون صراع علي الوجود بكل ما تحمله الكلمه من معني..
فمنذ هبوط الكيان الصهيوني في منطقتنا تغيرت كل المعادلات الدولية والإقليمية، فنجد أن الدول العظمي سخرت كل إمكانياتها لخدمة هذا الكيان الذي يستمد قوته دائما من الشعور بالإضهاد والمؤامرات التي تحاك ضده، ولعل ما ساعد على غرس جذور الكيان الصهيوني وقوع معظم دول المنطقة العربية تحت يد الاستعمار وتفتيتها وخلق الحدود الاستعمارية فيما بينها لإضعافها وسرقة ثرواتها، بل والأكثر من ذلك نجد الأن أنظمة عربية كاملة في خدمة هذا الكيان البغيض للحفاظ علي أمن المواطن الإسرائيلي علي حسب تعبيرهم، حتي لو كان ذلك علي حساب أمن وسلامة بل وكرامة المواطن العربي..
ففي نوفمبر عام 1977 وقف الرئيس المصري الراحل أنور السادات في خطبته التاريخية أمام الكنيست ليؤكد "أن مبادرته للسلام تهدف لوقف نزيف الدماء بين العرب واليهود، أما السلام والتطبيع فأنه مسئولية الأجيال المقبلة"..
بينما كانت اسرائيل تحلم بسلام من نوع آخر يعطيها اعترافا بالحق التاريخي لليهود في فلسطين ويعدها بعلاقات طبيعية مع مصر والعالم العربي، وعلى مدى نحو 40 عاما لم تتحول اتفاقية السلام مع مصر إلى جواز لتطبيع العلاقات بين البلدين، بل إن السلام حتى بمعناه المختزل في اتفاق تسوية لم يتسع ليشمل دول عربية أخرى سوي الأردن التي وقعت اتفاق شبيه في شكله ومحتواه بعد مصر بنحو 15 عاما..
ولكن يبدو أن السلام والصداقة بين العرب وإسرائيل لم يعد حلما بعيد المنال، خاصة أن ذلك يترافق مع توارد معلومات تنشرها الصحف الاسرائيلية عن اتصالات غير رسمية بين خبراء أمنيين وسياسيين إسرائيليين وبين نظراءهم العرب للتباحث حول سبل مواجهة زحف الجماعات المتشددة من أجل خلخلة الاستقرار في عدد من دول المنطقة..
كما يبدو أن العلاقات المصرية الإسرائيلية وكأنها تمر بطفرة قد تنعكس ليس فقط على العلاقات بين البلدين، بل أيضا قد يكون لها انعكاسات على العلاقات الإسرائيلية العربية إجمالا..
وقد اكتسبت هذه الآمال زخما إضافيا في إسرائيل مع إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء إلقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر 2016 عن حرصه على توسيع العلاقات السلمية بين العرب وإسرائيل، وثمة اعتقاد في إسرائيل أن موجة المواجهات مع الفلسطينيين في القدس لن تؤثر على فرص تدعيم العلاقات مع النظم العربية..
ليأتي مجددا الرئيس عبدالفتاح السيسي في شهر سبتمر 2017 ليعلن في الأمم المتحدة أن أمن المواطن الإسرائيلي له الأولوية، واعتقد ان هذا الإعلان كان بمثابة نقلة نوعية كبيرة في الصراع العربي الإسرائيلي من الإتفاقيات والإجتماعات السرية إلي الإعلان بالرضوخ للهيمنة الصهيوأمريكية في المنطقة العربية..
ويأتي تصريح وزير خارجية السعودية بأن النزاع العربي الإسرائيلي أطول نزاع في الوقت الحاضر، وأنه لا يري مبرر لاستمرار هذا النزاع، لكي يؤكد مخاوفنا ويكتمل السناريو المنشود وتكتمل معه كل أركان الجريمة..
والسؤال الأن هل القادم فعلا سيكون في صالح العرب؟
اعتقد أن التنازلات لا تأتي إلا بمزيد من التنازلات، ولعل ما حدث طوال تاريخ هذا الصراع أكبر دليل علي ذلك، والمصيبة الكبري أن يتحول الهدف العربي من القضاء علي الكيان الصهيوني إلي مرحلة التعايش والأمن السلمي مع اسرائيل، بينما كلنا يعلم أن عدونا لديه هدف واحد لا يتغير وهو الدولة العبرية الكبري من النيل للفرات، ويبدو في الأفق أن الهدف في طريقه إلي الحدوث، والمصيبة الأكبر أن يكون ذلك برعاية عربية..
وأكاد أجزم أن صفقة تيران وصنافير بداية لتحقيق هذا الهدف كجزء من صفقة أكبر تسمي بصفقة القرن، ومن المؤكد أن القادم سيكشف لنا المزيد من التفاصيل حول صفقة القرن الحالي، كما كانت سايكس بيكو صفقة القرن الماضي..
ولعل الصراع العربي العربي الحادث في المنطقة الأن هو خير دليل علي نجاح المخطط الصهيوأمريكي وسوف يأتي الحديث بالتفصيل عن الصراع العربي العربي في مقال لاحق..
وللحديث بقية مع الصراع علي السلطة في "بلا قيود"....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق