
الصراع علي السلطة -2-
بقلم : صبحي وحيد
كلما حاول قلمي النبش في أحداث التاريخ للاستدلال علي ما تسبب فيه الصراع علي السلطة من مآسي وجرائم، وجدت عقلي يجذبني بشدة للنبش في الحاضر والذي يعد أكثر صعوبة وأكثر إيلاما لأننا نعيشه لحظة بلحظة..
لذلك قررت أن أحاول أن أصنع مزيج بين ماض مؤلم وحاضر أكثر إيلاما، فالتغيير.. أرادته الشعوب تحركا سلميا والسلطات أرادته عنفا مسلحا.. والإرادة الدولية باركت العنف وخذلت السلم..
الصراع بقدر ما هو كلمة لها دلالات مخيفة ومرعبة لكنه في بعض الأحيان يمثل حالة قد تؤدي إلي خلق نوع من توازن القوي، فالحياة تقوم علي مبدء الصراع، وكل ما يحدث من اتفاقيات وتحالفات وحروب هي في إطار إدارة الصراع علي السلطة سواء كانت بشكلها الواسع للهيمنة علي العالم من خلال السيطرة على المواقع الأكثر إستراتيجية في العالم أو من خلال إمتلاك أدوات التحكم والسيطرة في إقليم معين أو الصراع علي حكم الدولة ..
وهنا نطرح نموذجين من نماذج الصراع علي السلطة في العالم بين الماضي والحاضر:
- الحرب المغولية (1206-1368)
الحروب المغولية التي اسفرت عن توسيع الإمبراطورية المغولية، في أجزاء كبيرة من آسيا وشرق أوروبا وهي واحد من أعنف الحروب في التاريخ الإنساني، حيث كانت الإمبراطورية المغولية تعتبر أضخم الإمبراطوريات ككتلة واحدة بالتاريخ البشري، فالقرنين الثالث والرابع عشر كانا يُسميان بعصر المغول، الذين انتشروا انتشارا ًسريعا ًفي العالم واحتلوا العديد من البلدان بسبب قوة الجيش المغولي والانضباطية العسكرية فيه وعدم التسامح أو التهاون مع من هو بغير صفهم، وتقدر أعداد الضحايا التي تسببت بوقوعها تلك الحروب والغزوات المغولية من قتل وتجويع وتشريد بالملايين التي وصل عددها إلى ما يقارب الستين مليون ضحية.
والسؤال الآن : أين ذهبت تلك الإمبراطورية المغولية بكل ما سببته من دمار وهلاك في تلك المرحلة؟
ومن الحاضر نستطيع أن نستشهد بأحد أهم دول المنطقة العربية والتي أقحمت نفسها في صراعات علي جبهات متعددة سواء داخليا أو خارجيا..
فقد لعب النظام السعودي دورا كبيرا في مناهضة الثورات العربية في بعض البلدان لصالح أنظمة الحكم بها كتونس ومصر، بينما لعب دورا أخر في محاولة التخلص من أنظمة حكم أخري في دول أخري كسوريا واليمن..
والسؤال هنا : لماذا يلعب النظام السعودي هذا الدور؟ ولمصلحة من؟
ولا أستطيع أن أطوي صفحاتي دون إلقاء الضوء علي ملامح أزمة قد تبدو قريبة الحدوث وهي :
- الصراع الداخلي علي السلطة في السعودية
تاريخيا صراع السلطة بين سعود و فيصل هو الصراع الذي حدث بين سعود بن عبدالعزيز و فيصل بن عبدالعزيز على السلطة في المملكة العربية السعودية بين عامي 1958 و 1964 ، و انتهى بإنقلاب أبيض على سعود بن عبدالعزيز، ويبدو أن التاريخ لم يتوقف عند تلك المرحلة ليتجدد الصراع علي السلطة في تلك المرحلة التي تشهد توترا غير مسبوق منذ تولي الملك سلمان للعرش، فحل بالمملكة تغيير كبير، وتأثر به جيرانها في منطقة الشرق الأوسط على نطاق أوسع، خاصة بعد انهيار أسعار النفط، والحرب في اليمن، والتوترات الطائفية وتنظيم داعش الإرهابي.
الملك سلمان يبلغ من العمر 80 عامًا، وهو آخر أبناء الملك عبد العزيز بن سعود، إختار ابن أخيه الأمير محمد بن نايف، ليصبح وليًا للعهد في الربيع الماضي، ما يعني أن السلطة سوف تنتقل في نهاية المطاف إلى الجيل التالي في المملكة، في حين تم تعيين محمد بن سلمان وزيرًا للدفاع وقائدًا للحملة السعودية في اليمن.
الأمير الشاب يبلغ من العمر 30 عامًا، رغم أنه يتولى أحد أبرز المناصب القيادية بالدولة، وهو ما يدفع السعوديين للشعور بالقلق؛ لأنه يشغل منصبًا قويًّا، رغم أنه لا يمتلك الخبرة الكافية.
بينما يبلغ محمد بن نايف، 56 عامًا، وكان يتمتع بشعبية كبيرة في المملكة، لكن ولي ولي العهد الشاب سرق الأضواء منه خلال الفترة الأخيرة، ويبدو أن الملك سلمان سيتجه للتنازل عن العرش لصالح نجله محمد بن سلمان، بعد الإلتفاف على ولي العهد الحالي محمد بن نايف الذي ليس لديه أبناء ذكور.
للاسف الشديد لم يتعظ أحد من الخريف العربي الدموي الحالي الذي تشهده عدة دول عربية وبالتالي فإن هذا الخراب سيمتد ويصيب باقي الدول العربية الشبيهة لدول الخريف العربي في تخلفها الحضاري وغياب العدالة..
ولكن دائما هناك بصيص أمل يكمن في شباب هذه الأمة الذي حمل علي عاتقه التخلص من ظلم واستبداد حكامه، وخلق حالة وعي تستطيع كسر المخطط الغربي وكشف فصوله وافشاله، والتصدي لتلك المنظومة الشيطانية التي يراد لنا أن نخضع لها بعلم أو بغير علم....
وللحديث بقية مع الصراع على السلطة في « بلا قيود »...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق